بيني وبينَ القردِ حاجزٌ من زجاجٍ
قفصٌ ، ويُحبس من وراه كلانا
أرى من خلفهِ القردَ...
ويرتئيني بانزعاجٍ
وخلا المكانُ من الحياةِ سوانا
بعينه التوقير حين يراني... فما أنبلهْ
وبتيهةِ المتعالين كم أَتَجَاهلهْ
يَضحكُ إن ضَحْكتُ.
وإنْ عَبستُ تُغيِّمُ ملامحُهْ
فهل أنا الضَّاحكُ مِنه حَقًّا!!....
أم هو السَّاخرُ من كلِّ شيءٍ أَفعَلُه؟؟!!
ما عُدتُ أدري في الحقيقةِ أيُّـنا...
أَكثرُ ثباتًا أو أقلُ صَلابَةْ!!
أأنا السَّجينُ بخوفِ ذاتي مُعتَقلْ!؟!...
أم ذلكَ المَخلوقُ المُنمَّقُ بالغرابِةْ!!
بالهمهماتِ هناكَ يَصْدُقُ إن نَطقْ...
وهنا نُخادعُ بالرِّياءِ ونَمتهنُ الخطابةَ
من يَرتدي ثَوبَ الحضارةِ بيننا ؟؟
ومَنْ تَرعرعَ في القَفارِ وفي ربوعِ الغابة؟؟
مَن يستصرخُ الأحلامَ إلى المستحيلِ بــِ عقلِهِ...
ومَنْ كالمُهرِّجِ يَرتدي خلفَ السِّتارِ ثيابَه؟!!
أَكلانا حُرٌ مستريحٌ بِعَالمهْ ؟!!...
أم يَلتوي في عَتمِ آسْرٍ يستبيحُ عذابَهْ.
مَنْ بالحقيقةِ يُشبهُ السَّجّانَ!!؟
ومن بقيدِ الخَوفِ يحيا دَاخِلَ القُضبانْ!؟
من بالشَّرِّ يُشابههُ البشر! ؟
أو في الطبائعِ يُشبهُ الإنسانْ ؟!
مَنْ يَرْتَقِي في سُلَّمِ الكائناتِ بِطَبعهِ ؟!
أو يَنحدر فيُجاوزَ الحيوانْ ؟!
الآن... صدقًا بالحقيقةِ أعترفْ :
يُشابهني القرد فعلاً...
وليس صِنفًا بالخليقة مُختلفْ..!!
بذاتِ الحُزنِ والضَّحكاتِ ونظراتِ الأسَفْ
بالرَّقصِ على حَبلِ الحَقيقةِ..
وإمساكِ العصا من المُنتصفْ.
والحقُ ..أنَّ الفَرقَ جِدُّ ضئيل بيننا
ما كانَ غيرَ جدارٍ...
من ضبابِ الخوفِ يَحجُبُ سِرَّنا
لكنَّهُ.......
لما تَذَمَّرَ بالتَرقُّبِ صبرنا ....من بُعدنا...
ثم اقتربنا...كي نُلامسَ بالبنانِ فُضولَنا
ويجابهُ المعقولَ في صدرِ النِّهايةِ يـَأسنا
خَرَّ الزُّجاجُ مُبدِّدًا عَتمَ الحَقيقةِ كالشَّظايا
وزال وجهُ القِردِ حينَ تَكسَّرتْ ...
وتَبَعثَرتْ...مِن بَيننا...
تِلكَ المَرَايا.
Categories:
شعر فصحى,
شعر فصحى - ديوان رحيل بلا مأوى