رحيـــلٌ بلا مأوىَ
ما عُدت أُفكِّرُ إلا بالرّحيـــلْ
الطيرُ المهاجرُ في الســــماءِ
أضلهُ خوفُ العُلا....
واغتالهُ السأمُ في زمنٍ علــيلْ.
تَعثرَ في السُّحبِ الحزينةِ وانزوى
وبغير أجنحةِ الخيالِ...
هناك يمضي ...حيثما العمر انطوى.
فلا سربٌ ...يقودُ إلى النجاةِ
بلا مسارٍ يحتويه ولا دليـــــــــــــــــــــــــــلْ
كــــــلُّ الدروبِ تشابهتْ....وتشابكتْ.
في عينِ كلِّ مسافرٍ ...
في صحاري الوهمِ ...
والليلِ الطويـلْ
رُبانُ سفينةِ الأحزانِ أنهكهُ الألمْ
يعلو عليهِ الموجُ في بحرِ الرمالِ....
ويطويهِ العدمْ
ويتوقُ للإبحـارِ يدفعهُ الأسى
كلالٌ يبحثُ في كبدِ السبيلِ...عن السبيلْ...
ما عدتُ أفكرُ ...
إلا في الرحـيلْ
ما عدتَ يا وطني الآنَ كما أَلفْتُهُ
ما عدتَ مثلَ نسيمِ أيامِ الصِّبا
تُثري عقودَ العشقِ.....
وتَنثرُ الأحلامَ بباحةِ الزمنِ الجميلْ
ما عُدتَ كالشمسِ التي.....
تُسْنُي السَّماءَ وتنجلي...
وسطَ الغيومِ لكي تنـــيرْ
ما عدتَ...كالغسقِ الذي..
يضمُ في شفتيهِ فجراً عاشقاً....
فيعودُ للكونِ الضياءُ ويرتقي.....
بشعاعِ ضوءٍ يرتجفُ بينَ الظلامِ...
وينكسر خلف النّخيــــلْ
ما عُدتَ... كنور الصبحِ
في وجهِ أيامِ السعادةِ
هائماً بينَ الدروبِ بلا مدى
يَطوي الحياةَ ويلتقي بخيوطِ حُلمٍ ...
تعتريِ الوجدانَ....
وتحتوي الجسدَ النحــيلْ.
كلُ البيوتِ تهدمتْ جدرانُها
واستبدَلتْ سُكانَها
أشباحَ ليلٍ طائفاتٍ
تُسلبُ الأزهارَ أهدابَ الندى
وتُميتُ بالخوفِ العبيرْ.
كلُ الطيورِ الآنَ تبكي خائفة.
والبــــــومُ في الطرقاتِ...
ينعقُ قاطعاً شتى الرّبوعْ
ولدَى الصِّغارِ الظامئاتِ...
علا النحيبُ بلا هوادةٍ
ساحقاً حتى الضلوعْ
يا نـيل حُبٍ...
كيفَ صارَ الحزنُ يسري ...
هائماً بينَ الضفاف؟؟!!
وكيف يجري الآن ماؤكَ ...
حاملاً مُرَّ الدموع??!
يا نيلَ حُبٍ...
كيفَ صارَ الخير بُغْضاً...
تنتفضُ فيه الدّماءُ...
وتُنبتُ الأشجارَ خوفاً...
في الظلالِ بلا ذبول.
الغيمُ ترجفُ نازفاتٍ....
في الليالي البارداتِ
كما الثَكَالى حين تجهشُ بالبكاءِ..
وتنتحبُ موت الضحايا ...
بالصراخِ وبالعويلِ
لا تسلني يا صديقي
في الهوانِ عن الهوى؟؟؟!!
لا تسلني حينَ أبحرُ راحلاً....
فلمَ الرحيلْ؟؟؟!!...
فالراحلون يسافرون إلى السماءِ
وينتهون بلا مسارٍ للطريقِ ولا دليلْ
ولربما خط النهاية بالأفاقِ غروب عمرٍ ..
ينتهيْ خلف الحياةِ ضياؤه..
وبهاؤه عند الأصيل
ولعلني...يا صاحبي...
في كلِّ يوم سرته ...
أبحرتُ حتى نلتقي
في طوفِ حُلمٍ قُدتُهُ....وحملتُهُ
حتى يخوضَ إلى غمارِ المستحيل
ولعلني ...
ما عدتُ أرغبُ بالحياةِ......
بغير أني أنتوي...
إن شئت منها أن أسير....
وبألا أُمسيّ قاتلاً
وبأن أصير أنا القتيل
ما بينَ شنقٍ أو غـرقْ
من فوقِ طوفٍ يحترقْ
يُمسي الرحيلُ إلى هناكَ وقدْ غدا
ذاتَ الخيارِ بلا بديل
Categories:
شعر فصحى,
شعر فصحى - ديوان رحيل بلا مأوى