هَمَسـَــاتٌ عـَـابرةْ II

أنشودةٌ للإيابْ


لا تذهبــيْ....
لا تتركيني أبكي من وجدِ الغيابِ...
وتذهبــــيْ...
لا تهجريني مثل فرخٍ...
يَجْبَه أنواءَ الشتاءِ...
وتهربــــــي
كلّ الأماكنِ....
بعدَ روحِ الشَّمسِ ...
يُغرقها القتامُ وتَستترْ
حتى البَلابِلُ في المغيبِ...
تلوذ في عتم الوكورِ...
لتخـــتــبي.
تبقى المدائنُ بعد موتِ الفرحِ...
يكسوها الحطامُ وتحتضرْ
حتى الضحايا.....
حينَ تثكلُ في التعاسةِ تَحــــتبي
لا تتركيني أُرثي أزهارَ الربيعِ...
على شواهد يثويها الخريفُ ...
وتذهـــــــبي
لا تتركيني تحت سندانِ العذابِ...
المستبيحِ الناصِـبِ.
كيفَ الغريقُ...
يكابدُ أمواجَ الظنونِ...
وينجرف خلفَ الغروبِ
بعصفِ ريــحٍ عاتي متقـــلبِ !!؟
هل من نجاةٍ في الردى!!!!؟
ــ في يومِ خــوفٍ ــ تغرقُ الأحلامُ فيه...
وتنكسرْ ..خلفَ الغيومِ قواربــــي!!؟
لا تتركيــــنيْ  كالشَّمِوعِ...
تضيئُ فرحاً بالحياةِ...
و تَلقَىَ في شذا الأحلامِ...
فيضَ تَعـذُّبِ.
لا تذهبـــي....
فبحسبِ هذا الكون...
 تغربُ شمسهُ في كلِ يومٍ ينقضي
وحسبي أنكِ كالسَّنَا ...
وضاءةٌ........لا تغــرُبي؟؟
أَفهَلْ عَلمتِ!!
بكيفَ تَنْشَّقُ الحجارةُ..
حينَ تندفعُ الحياةُ ...
بنهرِ عشقٍ أعــذبِ !!؟
أو كيفَ ينفطرُ البكاءُ...
بقلب أمٍّ !!؟
حينَ تشردُ في الزحامِ ...
بلا اهتداءٍ للصــبي
أرجوك لا تتغيـــبي...
لا تنتوي دربَ الرحيلِ وتذهبي...
بل قولي أنكِ عاتبةْ ...
أو قولي أنكِ غاضبةْ.......
أو حتى أنكِ هاربةْ.......
مثل الطيورِ....
 تنوصُ من غيمِ السَّماءِ المُتَعَبة
لَكـن - باللهِ - ألا تذهبي...
لا تتركيني .. بينَ أنيابِ الغيابِ وتذهبي
لا تسلبي بالافتراقِ وريدَ نبضٍ....
يعطي أسبابَ الحياةِ وتغــرُبي....
وإن نويتي ذاتَ يومٍ للرحيلِ الأصعبِ...
فقولي أنَّكِ ذاهـبة....
لكن بيومٍ آيبةْ...
مثل القطاةِ...
تجيءُ من خلفِ الطريقِ
وتحتوي...سربَ الشتاتِ الغائبةْ

كلُّ الطُّيورِ ...
تسيحُ في بحرِ السَّمَاءِ بلا كللْ
كلُّ الطيورِ مقامرةْ...
كلُّ الطيورِ مغامرةْ ...
كلُّ الطيـورِ ..
تلاحقُ إلحاحَ السؤالِ وترتحلْ
لكن تفيءُ بذاتِ يومٍ في النهايةِ.....
حينَ تعلمُ كل شيءٍ...
حينَ تدركُ في الرحيلِ...
جوابَ كلِّ الأسئلةِ.
فإنْ نَويتِي ذاتَ يومٍ للرَّحيلِ الأصعبِ
فأخفي  عليَّ ما تجري خطاهُ
أو اخدعينِي واكذبي!
أو قولي إنك راحلةٌ خلفَ الغيومِ...
مع السحابِ...
لتلْمسي شمسَ السماءِ..
تلاحقي ضوءَ النجومِ
فكلُّ شيءٍ تنطقيهِ الآنَ صارَ كمذهبي
أرجوك ألا تَعجبي...
هيا اخدعينى و اكذبي
أرأيتِ من يبغي خداعًا!!؟
 أو يتوقُ بكلِّ شوقٍ للسقوطِ الحاصبِ ؟؟؟
هيا اخدعينى و اكذبي
فالكذبُ أصبح مطلبي
أرأيتِ من يرجو سقوطاً في شراكٍ... ،
أو حبائل تجدبِ.
يكفي رجاء واجتبي...
هذه حياتكِ ها هنا...
كلُّ الليالي الحالماتِ ...
 الأمسياتِ ، الأغنياتِ ، الأمنياتِ ...
وذكرياتِ الأمكنةْ.
هذه حياتك ها هنا...
لا تتركيها للزوالِ وتغضبي
لا تهـــربي......
لا تذهبي...
وإن نويتي ذاتَ يومٍ للرحيلِ الأصعبِ
فتكلمي....
أو فاعلمي....
أن الذهابَ ...
سيعني أن يَفنى الوجودُ بعالمِي
أن ينُتقص بحرُ الحياةِ...
بعاشقٍ ...رهن الوفاءِ متيمِ
أو أن أعيشَ كما الطريدِ.
كما المسيءِ المذنبِ
يحيا بقلبٍ ميّتٍ...
يمشي بروحِ الغائبِ
يكفي رجاءًا و اجتبي ...
سبلَ البقاءِ لمطلبي
وإن عزمتِ ذاتَ يومٍ للذهاب...
فعاهديني...
أو.. لا أبالكِ ترغبي!!!!
أو قـــولي :
لا أنوي الغيابَ و إنما....
هذا ....ذهابُ المُــــــــــؤَوَّبِ
أو فابقي إن شئتِ فقط...
وبغيرِ أن تَطوي الحياةَ وتذهبي...
لا تذهبي........
 لا تذهبي.