"ثم سأله: الم يعد عندك أمل ؟؟
فأجاب :
أنا لم يكن عندي في يومٍ أمل قط لا الأن ولا في أي وقت مضى ...
فأنا لم انجح في أي شيء في حياتي قط
فكل حياتي كانت مراحل متنوعة من الفشل والألم
فلا أنا أخ ولا أب ولا زوج ولا صديق..
ولا شيء من الذي تعلمته نفعني ولا انقذني من مصيري المحتوم....
فأنا اعرف أن الله قد أعطاني فرصة أن أعيش فأضعتها
ولا أحسب بأن الله سيعطيني فرصة أخري
فأنا و بيدي قد أضعت الوقت والعمر والفرصة
فقررت أنه لا يوجد حياة لي لكي أعيشها
وانا الأن أموت يوما بعد يوم
فأنا ميت منذ زمن ...
وانا الذي اخترت الموت لأنني استحقه
ولهذا لا أدعوكم أن تمشوا في جنازتي يوماً
فكل الذي كنت احتاجه طوال عمري معجزة من السماء
معجزة تنقذني من نفسي ومن إحباطاتي
وكنت اعتقد طوال عمري بأن هذه المعجزة هي امرأه ذكية
امرأة تقترب مني وتقبلني بكل ما في من متناقضات
فالمرأة فقط هي ذلك المخلوق الفريد الذي يمتلك القدرة على النفاذ إلي أعمق أعماق الفيلسوف
وقليلات يا ابنتي في التاريخ من يعرفن ويعين ذلك وقد انتظرت واحدة من هؤلاء القليلات ولكنها كما ترين... لم تأتي أبداً....وبالتأكيد فهي لن تأتي أبداً
قالت : ولكنها جاءت يا أستاذ....
جاءت ووقفت بعيد وأخذت تفتش في أعماق ذاتها عن اللغة التي تصلح أن تتحدث بها إليك
فماذا لو قلت إنني احبك ...
أو أحببتك دائماً
أو إنني كنت أتخيل الرجل الذي احبه يشبهك ...
أوأنه هو أنت تماماً وانك صورة لما كان في خيالي
وان الصورة هي الأصل أو أنها طبق الأصل وهذا التطابق هو من أطلق شرارة الحب مثل التقاء سحابتان في السماء موجبة وسالبة فيكون البرق والرعد و المطر و هذا هو الحب.....
فانا على يقين من مشاعري وأما أنت فلست علي يقين من شيء أو من احد
لهذا فأنا أخذت ما استحق من السعادة وأنت أخذت ما تستحق من التعاسة
فأنت دودة القز التي تنسج لنفسها كفنا من خيوط الحرير ثم تسد الكفن حتى لا يتدخل احد لأنقاها
وانا اتحدت اليك قبل أن تسد أخر خيط وكل ما اطلبه منك أن تعطيني طرف هذا الخيط حتى اسحبه ووراءه كل الخيوط..
دعني اسرب إليك الأمل الذي فقدته .....
وأهبك الحياة التي رفضتها ....
فهل جئت متأخرة؟؟
ربما ....ولكن المهم إنني جئت
أنت تريد الموت
وانا أريد الحياة لي ولك"
ولم نعرف أبدا ً نتيجة هذا الحوار الذي دار بين هذا الفيلسوف النمساوي العبقري فتجنشتين وتلك الفتاة الذكية التي لا نعرف اسمها ....
فهو حوار دار بين اليأس والأمل
بين الموت والحياة
بين من يبحث عن الحب ولا يجده .ومن يجده فيضيعه
من يضيع عمره في انتظار ما قد يجيئ و لا يجيء ....
لهذا فقد عاش فتجنشتين معذب في انتظار ما قد يجيء ... وحتى عندما جائه فنحن لا نعلم لماذا لم يستطع أن يتمسك به ..ولكننا نعلم أنه أحيانا قد تكون السعادة بين أيدي البشر ولا يدركون وجودها إلا بفقدانها وهكذا فلم يعلم فتجنشتين بما قد أضاعه من فرص في حياته إلا في نهايتها و لعل اسعد لحظات حياته كانت هي تلك اللحظة التي صارحته تلك الفتاة أمام مئات من الطلبة أنها تحبه...
نحن لا نعرف...
ولكننا نعرف أنه مات بعد هذا الحوار باقل من عامان
فهل عاش في هذين العامين ما لم يعشه في عمره الماضي
لا نعرف ولا احد يعرف..وبعد الموت لا شيء يهم
ولكن يكفيه انه عرف ان هناك فتاة تحبه حتى ولو كان ذلك قبل موته بأيام قليلة
عاش تعيسا ولكنه عاش عبقري
وليس مهما أنه فعل كل شيء ليسعد نفسه فما زادها إلا تعاسة...
و لكن المهم أن العالم قد شهد له بالعبقرية
وانه ترك تراثا عبقريا ..يعلمنا ويعلم من بعدنا...
Categories:
مقال